تمكن عقاران مخصصان في الأصل لعلاج السرطان، وتمت الموافقة عليهما من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، بتجديد خلايا بيتا البنكرياسية التي تضررت بسبب مرض السكري من النوع الأول خلال 48 ساعة فقط في التجارب المختبرية. الخلايا الجديدة، التي تم إنشاؤها بناءً على أنسجة مرضى السكري، تفرز الأنسولين بشكل صحيح استجابة للتعرض للجلوكوز. سيكون مسار التجديد هذا قابلاً للتطبيق لفئة عمرية تتراوح من 7 إلى 61 عامًا على الأقل (الحدود العمرية للدراسة)، ويمكن أن يقلل في النهاية من الاعتماد على حقن الأنسولين اليومية.
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 530 مليون شخص يعانون من مرض السكري (جميع الأسباب) في جميع أنحاء العالم - وهو رقم من المتوقع أن يرتفع إلى 643 مليون بحلول عام 2030. وفي مرض السكري من النوع 2 (T2D)، يصبح الجسم مقاومًا لتأثيرات الأنسولين بينما يفقد قدرته على إنتاجه تدريجيًا. يجمع هذا النوع من مرض السكري بين فقدان الكفاءة وعدم كفاية إنتاج الهرمون.
من ناحية أخرى، في حالة مرض السكري من النوع الأول (T1D، أو مرض السكري المعتمد على الأنسولين)، فإن خلايا بيتا البنكرياسية المسؤولة عن تخليق الأنسولين وإطلاقه وتخزينه تخضع لتدمير لا رجعة فيه من أصل المناعة الذاتية. تعني هذه الحالة أنه يجب على المرضى مراقبة مستويات السكر في الدم يوميًا وإعطاء الأنسولين لتنظيمه. على الرغم من أن هذه التقنية تساعد في التحكم في مستويات السكر في الدم، إلا أنها لا تعكس أو تبطئ فقدان خلايا بيتا.
تركز العلاجات الحالية لمكافحة المرض بشكل فعال على تجديد خلايا بيتا، بما في ذلك على سبيل المثال تقنيات مثل زرع مجموعات (أو جزر) من هذه الخلايا. ومع ذلك، على الرغم من أن هذه الاستراتيجيات أثبتت بعض الفعالية، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة تتعلق بنقص المتبرعين والآثار الجانبية الملازمة للزرع (بسبب الأدوية المثبطة للمناعة). ومن ناحية أخرى، فإن النتائج الإيجابية التي تم الحصول عليها تبدو خطيرة نسبيًا، ناهيك عن أن الآليات اللاجينية التي تحكم هذا المسار التجديدي لا تزال غير مفهومة جيدًا. وقد أدى ذلك إلى استكشاف استراتيجيات أخرى يمكن أن تحفز هذا التجديد.
العلاجات المعتمدة كانت في البداية موجهة لمرض السرطان
ومن بين الاستراتيجيات المختلفة التي تم استكشافها استعادة التعبير الجيني للأنسولين. قد يكون هذا ممكنًا من الناحية النظرية عن طريق التدخل من خلايا الأقنية البنكرياسية، عن طريق تثبيط مُحسِّن zeste Homolog 2 (EZH2) باستخدام الجزيئات الدوائية المتاحة حاليًا. EZH2 هي الوحدة الفرعية التحفيزية لمجمع polycomb القمعي 2 (إنزيم)، الذي ينظم التعبير الجيني في الخلايا. إنه ضروري لتجديد وصيانة وتمايز هذه الخلايا إلى سلالات محددة.
ويؤدي الإفراط في التعبير عنه إلى تثبيط الجينات المسؤولة عن التحكم في دورة الخلية، مما يؤدي إلى نمو غير منضبط في أشكال معينة من السرطان. إن استخدام هذه الأنواع من العلاجات لمرض السكري من النوع الأول من شأنه أن يحفز الخلايا السلفية الأقنوية (الخلايا خارجية الإفراز التي تبطن جدار القنوات التي تنقل إنزيمات البنكرياس)، بحيث تتمايز إلى خلايا بيتا جديدة.
العلاجات التي تستغل هذا المسار، مثل GSK126 وtazemetostat، تمت الموافقة عليها من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج السرطان. تدعم الدراسة الجديدة، التي شاركت في قيادتها جامعة موناش ومعهد بيكر للقلب والسكري في ملبورن، أستراليا، الفرضية القائلة بأن هذه الاستراتيجية يمكن أن تكون فعالة في علاج مرض السكري من النوع الأول وتستكشف آثار هذين العلاجين على خلايا البنكرياس.
إمكانية تجديد الخلايا بين عمر 7 و61 سنة على الأقل
كجزء من دراستهم، المفصلة في مجلة Signal Transduction and Targeted Therapy، قام الباحثون الأستراليون بتقييم قدرة GSK126 وtazemetostat على إعادة تنشيط الخلايا السلفية الأقنوية. وللقيام بذلك، تم أخذ عينات من 3 متبرعين تتراوح أعمارهم بين 7 و 56 و 61 سنة. الأول كان يعاني من مرض T1D منذ الشهر السابق للدراسة، بينما الأخير يعاني منه منذ 33 عاماً. والثاني كان شاهداً سليماً.
ووجد الباحثون أن الخلايا السلفية الشابة والناضجة تمايزت بشكل صحيح إلى خلايا بيتا بعد التعرض للعلاجات. بمعنى آخر، يمكن تحقيق تجديد خلايا بيتا بين سن 7 و61 عامًا على الأقل، مما يشكل دليلاً قيمًا فيما يتعلق بالآليات الكامنة وراء هذا الاستعادة.
على الرغم من فقدان خلايا بيتا الناجم عن المرض، فإن تحفيز الخلايا الأقنوية أعاد التعبير عن الجين الذي يبدأ إنتاج الأنسولين. وبعد 48 ساعة فقط من التحفيز، نجحت خلايا بيتا الجديدة الناتجة في إنتاج الهرمون بعد التعرض للجلوكوز. ستتألف الخطوة التالية من الدراسة من إعادة إنتاج هذه النتائج في نماذج ما قبل السريرية. بالإضافة إلى ذلك، فإن موافقة إدارة الأغذية والعقاقير (FDA) على العلاجات يمكن أن تسهل وتسرع تطبيقها السريري.
المصدر :Signal Transduction and Targeted Therapy